الأزمة الروسية الأوكرانية تضيف بعدا جديدا لأزمة الغذاء

يعد من أبرز الأسباب التي تهدد الأمن الغذائي حاليا، هي تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية؛ حيث تعتبر روسيا وأوكرانيا من بين أهم منتجي السلع الزراعية في العالم، وفي قطاع الحبوب، تعتبر مساهمتهما في الإنتاج العالمي ذات أهمية خاصة للشعير والقمح والذرة. وفي قطاع البذور الزيتية، كانت مساهمتهما في الإنتاج العالمي ذات أهمية خاصة لزيت عباد الشمس.
وتعتمد أوكرانيا بشكل كبير على تصدير المنتجات الزراعية، وخاصة الحبوب، ويتم نقل ما يقرب من 90% من صادرات الحبوب الأوكرانية عن طريق البحر، فروسيا وأوكرانيا تمثلان 29% من المبيعات السنوية الدولية من القمح، وقد ساهم التهديد بالحظر من الغرب ضد روسيا في ارتفاع أسعار القمح التي كانت بالفعل أعلى بنسبة 49% من متوسطها خلال الفترة 2017-2021 ثم ارتفعت منذ تصاعد الأزمة في 24 فبراير بنسبة 30% أخرى.
ووفقًا لتوقعات بنك “رابوبنك” الهولندي فإن أسعار القمح قد ترتفع بمقدار الثلث مرة أخرى، لكن الضرر الذي يلحق بالإمدادات الغذائية العالمية سوف يمتد إلى ما هو أبعد من الحبوب، وسيستمر لفترة أطول من الأزمة نفسها، فروسيا وأوكرانيا تصدِّران معًا 12% من الحبوب المتداولة في جميع أنحاء العالم، ويمكن أيضًا أن يزيد عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، كما سيؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى زيادة التضخم، مما يزيد من ضغوط الأسعار الناتجة عن زيادة أسعار الطاقة.
وستظهر تداعيات الأزمة من خلال ثلاث قنوات، وهي: تعطيل شحنات الحبوب الحالية، وانخفاض أو تعذر الوصول إلى المحاصيل المستقبلية في أوكرانيا وروسيا، وتراجع الإنتاج في أجزاء أخرى من العالم، وبالنسبة للشحنات، فقد اختفت معظم سفن القمح والشعير بحلول فبراير، فالمواني الأوكرانية مغلقة، وتعرضت السفن التي كانت تحاول شراء الحبوب للقصف بصواريخ في البحر الأسود.
هذا، وقد تؤدي الأزمة الروسية الأوكرانية إلى انخفاض المحاصيل والمساحة المزروعة، وقد تكون المحاصيل الشتوية مثل، القمح والشعير، التي تزرع في أكتوبر، أقل بسبب نقص الأسمدة والمبيدات، وقد لا يتم زرع محاصيل الربيع مثل، الذرة وعباد الشمس.
وفي روسيا، لا يكمن الخطر في تقليص الإنتاج، بل في حظر الصادرات، فعلى الرغم من أن مبيعات المواد الغذائية الروسية لم تخضع للعقوبات بعد، فإن البنوك الغربية تحجم عن إقراض التجار.
والأكثر إثارة للقلق هو تأثير الصراع على الزراعة في جميع أنحاء العالم، فالمنطقة هي مورد كبير لمكونات الأسمدة المهمة، بما في ذلك الغاز الطبيعي والبوتاس، وكانت أسعار الأسمدة قد تضاعفت بالفعل قبل الأزمة، بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والنقل والعقوبات المفروضة في عام 2021 على بيلاروسيا، التي تنتج 18% من البوتاس في العالم.
ومن المؤكد الآن أن الأسعار سترتفع أكثر لأن روسيا، التي تمثل 20% من الإنتاج العالمي، تجد صعوبة في تصدير البوتاس الخاص بها.