تمكين المرأة في الزراعة.. خطوة ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي

تلعب النساء دورًا حيويًا في القطاع الزراعي، حيث يساهمن بشكل كبير في إنتاج الغذاء، خاصة في الدول النامية. ومع ذلك، يواجهن تحديات كبيرة تتعلق بالحصول على التمويل، والتقنيات الحديثة، وحقوق ملكية الأراضي، مما يحد من قدرتهن على تحقيق الاستدامة وزيادة الإنتاجية. وفي هذا السياق، أصدر البنك الدولي تقريرًا حديثًا أكد فيه أن دعم المرأة في الزراعة ضرورة ملحة لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.

في تقريره الصادر في 6 مارس الجاري بعنوان “تحقيق أهداف التنمية المستدامة ممكن من خلال مشاركة المرأة”، أشار البنك الدولي إلى أن النساء يشكلن نسبة كبيرة من القوى العاملة الزراعية في العديد من الدول، إلا أنهن ما زلن يواجهن صعوبات عدة، مثل ضعف فرص الوصول إلى الأسواق والموارد المالية والتقنيات الزراعية الحديثة، فضلاً عن محدودية حقوقهن في امتلاك الأراضي.

وأوضح التقرير أن التحديات تزداد حدة في المناطق التي تعاني من الجفاف، حيث تعتمد النساء غالبًا على الري اليدوي، مما يجعل ظروفهن المعيشية أكثر صعوبة، خاصة مع استخدام أدوات بدائية وزراعة مساحات صغيرة.

ورغم التقدم المحرز في تحقيق المساواة بين الجنسين، لا تزال الفجوة قائمة، خاصة في الدول الهشة أو التي تعاني من النزاعات، حيث تواجه النساء تمييزًا في الأجور، وضعف التمثيل في مراكز صنع القرار، إضافة إلى حصولهن على أراضٍ غير صالحة للزراعة أو ذات إنتاجية منخفضة. ومع ذلك، تمكنت بعض النساء من التغلب على هذه العقبات عبر تبني أساليب زراعية حديثة، مثل استخدام الأسمدة العضوية والزراعة المختلطة، مما ساهم في تحسين جودة التربة وزيادة الإنتاج.

وأكد التقرير أن تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة في القطاع الزراعي يتطلب توفير مدخلات زراعية عالية الجودة، وتقنيات حديثة، وتدريبات على إدارة الموارد، مثل أنظمة الري والطاقة الشمسية، لتعزيز استدامة الإنتاج. كما شدد على أهمية تبني سياسات تدعم مشاركة النساء بشكل أكثر فاعلية، من خلال تشجيع زراعة محاصيل ذات عائد اقتصادي مستدام، مثل الخضروات وفول الصويا.

وسلط التقرير الضوء على تجارب ناجحة لدعم المرأة في الزراعة، مثل تسهيل حصولهن على التمويل، وإنشاء مشروعات زراعية مستدامة، حيث ساهمت هذه المبادرات في تحسين الأوضاع الاقتصادية للنساء، وتعزيز استقلاليتهن المالية. ففي بعض الدول، يتم دعم المشاريع الزراعية التي تقودها النساء، مثل إنتاج القهوة المخصصة للأسواق المتميزة، وإنشاء مجموعات ادخار تمكنهن من إعادة استثمار أرباحهن، إضافة إلى تدريب الوسطاء الماليين على تقديم خدمات تلائم احتياجات النساء.

وأشار التقرير إلى أن المبادرات الزراعية المصممة بمراعاة المساواة بين الجنسين تحقق نتائج إيجابية ملموسة، إذ أظهرت بعض المشاريع أن النساء قادرات على تعزيز الإنتاج الزراعي بشكل ملحوظ، لدرجة أن الرجال بدأوا يتعلمون منهن تقنيات زراعية جديدة.

خلص التقرير إلى أن تمكين المرأة في الزراعة يعد عنصرًا أساسيًا لتحقيق التنمية المستدامة، وضمان الأمن الغذائي، وتعزيز الاقتصاد. ورغم التحديات التي تواجه النساء في هذا المجال، فإن هناك نجاحات يمكن البناء عليها من خلال توفير التمويل، والدعم الفني، وتعزيز دور المرأة في اتخاذ القرارات الزراعية، مما يسهم في تحسين الإنتاجية، ويحقق استدامة اقتصادية واجتماعية على المدى الطويل.