تحذير أممي من كارثة إنسانية في غزة والسودان واليمن: د. حنان بلخي تدق ناقوس الخطر

في بيان شديد اللهجة ألقته خلال الإحاطة الإعلامية الطارئة التي عقدها المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط يوم 13 مايو 2025، حذرت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية للمنظمة، من تدهور خطير في الأوضاع الصحية والإنسانية في غزة، واليمن، والسودان، مؤكدةً أن ملايين الأرواح باتت في دائرة الخطر.
غزة: مجاعة تلوح في الأفق ونظام صحي ينهار
أعربت بلخي عن “قلق عميق” إزاء الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة، حيث سُجِّل أكثر من 52 ألف وفاة ونحو 120 ألف إصابة، في ظل استهداف العاملين الصحيين والمستشفيات. وأكدت أن المستشفيات المتبقية بالكاد تقدم الحد الأدنى من الرعاية، بينما تُمنَع الإمدادات الطبية المنقذة للحياة من دخول القطاع.
وتابعت بلخي: “بعد تسعة أسابيع من الحصار الشامل، تقترح السلطات الإسرائيلية إلغاء نظام توزيع المعونة الأممي، واستبداله بنظام يخضع لشروط الجيش. هذا انتهاك صريح للمبادئ الإنسانية، ولن تشارك منظمة الصحة العالمية أو الأمم المتحدة في أي مبادرة من هذا النوع”.
واستندت بلخي إلى تحليل حديث لمبادرة “التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي”، كاشفةً أن جميع سكان غزة (2.1 مليون شخص) يعانون من نقص غذائي حاد، ويواجه واحد من كل خمسة خطر المجاعة. وأكدت أن الأوضاع مرشحة للتفاقم ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.
اليمن: استمرار الغارات وفاشية كوليرا واسعة
وأشارت المديرة الإقليمية إلى أن الغارات الجوية الأخيرة في اليمن أدت إلى مقتل أو إصابة أكثر من 1000 شخص، واستهدفت منشآت صحية، وسط تفشٍ واسع للكوليرا. إذ تم تسجيل أكثر من 270 ألف حالة مشتبه فيها العام الماضي، مع 900 وفاة، ما رفع معدل الإماتة إلى 0.33%.
السودان: أسوأ أزمة جوع من حيث الحجم عالميًا
وفي السودان، لفتت بلخي إلى فرار أكثر من 400 ألف شخص من الفاشر وزمزم بسبب تصاعد العنف، موضحةً أن البلاد تواجه أسوأ أزمة جوع من حيث العدد، حيث يُتوقع أن يعاني 24.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 770 ألف طفل مصابون بسوء تغذية حاد وخيم.
التمريض في قلب العاصفة ومرافق الصحة مهددة بالإغلاق
بمناسبة اليوم العالمي للتمريض، سلّطت بلخي الضوء على الأزمة الحادة التي تواجه طواقم التمريض، مشيرة إلى أنهم يشكلون نحو نصف القوى العاملة الصحية، ولكن لا تتجاوز كثافتهم في الإقليم 15.5 ممرضًا لكل 10,000 شخص. وأضافت: “رغم التحديات، يواصل الممرضون في مناطق مثل غزة والسودان أداء واجبهم بتفانٍ، في ظل نقص الدعم وتدني الأجور وغياب الحماية”.
وأكدت بلخي أن 61% من جميع الهجمات العالمية على مرافق الصحة عام 2024 وقعت في إقليم شرق المتوسط، وكان أكثر من 80% منها موجهاً إلى العاملين الصحيين.
أزمة تمويل خانقة تهدد استجابة المنظمة
حذرت بلخي من أن التخفيضات في المساعدات الإنمائية الخارجية “قوّضت قدرة منظمة الصحة العالمية على تقديم الخدمات الأساسية”. وعلى الرغم من أن الإقليم يستحوذ على أكثر من نصف احتياجات التمويل العالمية للطوارئ، لم تتلق المنظمة سوى 7% من التمويل المطلوب لعام 2025.
وقالت إن هذا النقص يهدد بإغلاق المرافق الصحية وحرمان اللاجئين والنازحين من الرعاية، ويُضعف قدرات الترصد والكشف عن الأوبئة.
الاتفاق بشأن الجوائح على طاولة جمعية الصحة العالمية
وأعلنت بلخي أن الأزمات الإنسانية ستتصدر جدول أعمال جمعية الصحة العالمية الـ78، التي تنعقد الأسبوع المقبل. وسيُطرح خلال الاجتماعات اتفاق دولي جديد بشأن الجوائح، جاهز للاعتماد بعد ثلاث سنوات من التفاوض.
ويهدف الاتفاق إلى تعزيز التعاون الدولي عبر نهج “الصحة الواحدة”، وبناء نظم صحية resilient، وتنسيق التمويل ونقل التكنولوجيا، وإنشاء شبكة عالمية للإمدادات اللوجستية. وأكدت بلخي أن المنظمة مستعدة لدعم الدول في تنفيذ هذا الاتفاق، داعية إلى “إرادة سياسية واستثمار طويل الأجل ومشاركة مجتمعية حقيقية”.
تقرير جديد عن آثار الحرب في غزة
وفي ختام البيان، أشارت بلخي إلى نشر العدد الثاني من الإصدار الخاص لمجلة شرق المتوسط الصحية حول المخاطر الطبية والآثار الصحية للحرب في غزة، ودعت الصحفيين والمهتمين إلى الاطلاع عليه عبر الموقع الإلكتروني للمكتب الإقليمي.
واختُتمت الإحاطة بكلمة ألقتها الممرضة أليس سكار من لجنة المعونة النرويجية، عقب إنهاء مناوبتها في المستشفى الأوروبي في غزة، لتضيف شهادة حية من قلب الأزمة.