يبدو عند نشوب اى حريق داخل أحد المباني الكبيرة في مصر، حتى يتم توجيه أصابع الاتهام إلى «الماس الكهربائي» باعتباره المتهم الأول او متهماً رئيسياً في معظم الحرائق الكبرى على غرار حريق «مجلس الشورى» عام 2008، وحريق مركز المؤتمرات الدولي بمدينة نصر عام 2015، وحريقي سوق الرويعي بمنطقة العتبة بوسط القاهرة، في عامي 2016 و2024، وحريق كنيسة أبو سيفين بحي إمبابة بالجيزة، عام 2022 الذي راح ضحيته 41 شخصاً.
لكن هذا المشهد يتكرر خلال هذا الشهر لماذا ؟ بداية شهر يوليو حيث يبدأ موسم الحرائق ويعد حريق سنترال رمسيس أحدث حلقات مسلسل الحرائق وأكبرهم تأثيراً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. إذ تسبب تعطل السنترال الذي يُوصف بأنه «قلب مصر النابض» بشلل لافت في مجالات الاتصالات والإنترنت ونظم عمل الشركات والبنوك.
فعلى مدار تاريخه حدثت العديد من الحرائق، التى دمرت بعض الاماكن الاقتصادية التى تعد محور اساسى والتى كانت ولازالت هيئات كبرى حيث حفرت هذه الحوادث فى ذاكرة التاريخ، بعدما دمرتها النيران
ويعد حادثة الحريق الهائل الذي اندلع داخل مبنى سنترال رمسيس بمنطقة الأزبكية، أحد أقدم وأهم مراكز الاتصالات في مصر.
ورغم السيطرة على النيران بشكل كبير، إلا أن أعمال التبريد ادت الى تصاعد ألادخنة من داخل المبنى، الأمر الذي دفع قوات الإطفاء إلى تتبّع بؤر الاشتعال لمنع تجدد الحريق مرة أخرى
ويعد «سنترال رمسيس»، محطة رئيسية لتحويل الاتصالات بوسط القاهرة، والذي تسبب في شلل واسع لخدمات الاتصالات والتحويلات المالية بمصر
وتسبب الحادث، فى وفاة 4 ونحو 30 مصاباً، في إرباك واسع لحياة ملايين المصريين، مع تأثر الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت، بل وحركة الطيران، بعد تلف كابلات رئيسية تغذي الخدمة؛ وهو ما برزت معه الأهمية القصوى لهذا المقر الحيوي لخدمات الاتصالات، ليس في العاصمة فقط، بل وفي محافظات أخرى.
وفى العام الماضى من نفس الشهر الاهم حريق هائل كافة المخازن الموجودة بعقار مجاور لجراج العتبة وألسنة النيران تمتد للعقارات المجاورة والدفاع المدني يحاول السيطرة على النيران بعد تدمير عدد من المخازن الكبرى باعتبارها منطقة التجارة الاولى فى مصر
وكانت قد أضاءت النيران المشتعلة السماء باللونين الأسود والأحمر إثر اشتعال النيران والذى تسبب فى مصرع عدد من العاملين خنقًا ونقل آخرين إلى المستشفى لتلقى العلاج اللازم، وبلغت الخسائر ملايين الجنيهات
وشكا المواطنون من توقف تطبيقات البنوك وتطبيق تحويل الأموال التابع للبنك المركزي «إنستاباي»، وهو ما وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تشير البيانات إلى اتجاه عام نحو انخفاض عدد الحوادث بين عامي 2020 و2024، حيث بدأت الأرقام عند 51,963 حادثًا في عام 2020، وانخفضت بشكل طفيف في عام 2021 إلى 51,533 حادثًا، استمر التراجع في عام 2022 ليصل إلى 49,341 حادثًا، وهو ما يعكس نجاحًا تدريجيًا في تقليل عدد الحوادث، ومع ذلك، شهد عام 2023 انخفاضًا أكبر إلى 45,435 حادثًا، ما يمثل أدنى مستوى خلال الفترة ويُظهر تحسنًا واضحًا في تدابير الوقاية.
وفي عام 2024، ارتفع العدد مرة أخرى بشكل طفيف إلى 46,925 حادثًا، مما يشير إلى احتمالية وجود عوامل مؤقتة أو ظروف غير متوقعة أثرت على هذا الارتفاع.دفع البنك المركزي لتمديد عمل البنوك ساعتين يومياً، كما توقفت خدمات هواتف الطوارئ الحكومية؛ ما اضطر العديد من المحافظات لتخصيص أرقام محمول بديلة لخدمات الطوارئ والإسعاف لحين عودة الخدمات الأرضية، قبل أن تعلن الحكومة عودة هذه الخدمات عبر الأرقام الأرضية.
ووفق تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري لحوادث الحريق في مصر عام 2024، فإن عدد حوادث الحريق عـلى مستـوى الجمهورية بلغ نحو 47 ألف حادثة مقابل 45 ألف حادثة عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 3.2 في المائة.
وبحسب الحالة الجنائية، فإن «الحريق العارض» جاء في المرتبة الأولى بعـدد يقترب من 10 آلاف حادثة بنسبة 20.9 في المائة، يليه «الإهمال» بنسبة 10.4 في المائة خلال عام 2024.
وبلغ عدد المتوفين مـن ضحايا حوادث الحريق 232 متوفى عام 2024، مقابل 239 متوفى عام 2023 بنسبة انخفاض قدرها 2.9 في المائة، وبلغ عدد المصابين 831 مصاباً عام 2024 مقابل 812 مصاباً عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 2.4 في المائة.
وأفاد تقرير جهاز الإحصاء بأن من أهم المسببات الرئيسية للحرائق في مصر هي «النيران الصناعية» (أعقاب السجائر – أعواد الكبريت – مادة مشتعلة – شماريخ) بنسبة 31.6 في المائة، ثم «الماس الكهربائي» أو الشرر الاحتكاكي بعدد 8428 حادثة بنسبة 18 في المائة من إجمالي مسببات الحريق، وجاءت الأرض الفضاء (القمامة والمخلفات) في المقدمة لأماكن حدوث الحرائق بعدد 18467 حادثة بنسبة 39.4 في المائة، تليها المباني السكنية بعدد 17969 حادثة بنسبة 38.3 في المائة من إجمالي حوادث الحريق.
وجاءت محافظة القاهرة في المقدمة بالنسبة لحوادث الحريق بعدد 6288 حادثة بنسبة 13.4 في المائة، تليها محافظـة الغربية بعدد 3990 حادثة بنسبة 8.5 في المائة
ومن جانبه، أكد اسامه مصطفى خبير التكنولوجيا والمعلومات على أهمية تأمين البنية التحتية الرقمية، وضرورة وجود أنظمة بديلة احتياطية في المرافق الحيوية، مثل المطارات والمستشفيات ومراكز الطوارئ، تفاديًا لتأثير أي كوارث تقنية أو حرائق على منظومة الخدمات الحيوية.
وقال أن الحريق الذي اندلع في مبنى سنترال رمسيس كان له أثر مباشر على تعطّل شبكات الاتصالات والإنترنت في عدد من المناطق الحيوية، ما أدى إلى توقف نظام تشغيل الرحلات في مطار القاهرة الدولي لمدة قاربت السبع ساعات.
وأضاف، أن هذا الانقطاع المفاجئ تسبب في تأثر 69 رحلة جوية مجدولة، حيث تم إنهاء إجراءات السفر لـ36 رحلة منها، بينما أقلعت 33 رحلة أخرى مع الفجر بعد عودة الأنظمة للعمل تدريجيًا.
وأشار إلى أن وزارة الطيران المدني تعاملت مع الأزمة بقدر عالٍ من الجاهزية والتنسيق المشترك مع وزارة الاتصالات والجهات المعنية، من خلال تنفيذ حلول تقنية بديلة، مكنت من استعادة حركة التشغيل بالمطار إلى طبيعتها بالكامل في وقت قياسي.
كما أكد أن بقية المطارات المصرية لم تتأثر بالأزمة، وتواصل عملها بشكل طبيعي، مع استمرار عمليات المراقبة والمتابعة اللحظية لضمان انسيابية حركة الطيران، وسلامة المسافرين، وجودة الخدمات المقدمة.
ويرى الدكتور مجدي صليب، المدير السابق للمركز القومي لدراسات السلامة والصحة المهنية، أن نسبة الحرائق الناجمة عن الماس الكهربائي كبيرة للغاية، ولا تليق بحجم دولة كبيرة مثل مصر.
وأكد أن «زيادة الأحمال الكهربائية في فصل الصيف قد تتسبب في زيادة الضغط على التوصيلات، ما يحدث الماس الكهربائي»، وطالب بعمل الصيانات الدورية في مواعيدها لتفادي وقوع الحرائق الكبرى.
وأكد المهندس عمرو طلعت، وزير الاتصالات، إن سبب انتشار حريق سنترال رمسيس من الدور السابع للمبني؛ وجود جوانب بها مواسير بالسنترال، وهو ما كان بمثابة منافذ للنار امتدت من خلالها للمبنى بالكامل.
وأضاف أن خدمات الإنترنت لم تنقطع، وسنترال رمسيس ليس هو السنترال الوحيد الذى تعتمد عليه مصر وإلا لما تمكن المصريون من الدخول على مواقع التواصل الاجتماعى وتداول الحادثة