أخبار

الوجه الآخر لـ تحية كاريوكا.. قلوب عامرة بالحب ومواقف لا تُنسى

لم تكن تحية كاريوكا مجرد راقصة أو نجمة شغلت شاشات السينما، بل كانت قلبًا نابضًا بالخير، وروحًا تقف بجانب المحتاج قبل القريب. حياة مليئة بالصخب الفني، لكن في خلفيتها ظل هناك جانب إنساني نادر، يكتب عنها سطورًا مختلفة، سطورًا لا يعرفها الكثيرون.

عاشت تحية سنوات من الاغتراب عن أسرتها، لكن التجربة جعلتها أكثر وعيًا بقيمة العائلة، والأصدقاء، والمال حين يُسخّر في خدمة الغير. فبين كواليس المسارح، وأضواء الشهرة، لمعت قصص إنسانيتها أكثر من بريق مجوهراتها.

كانت أولى محطاتها مع عبد الحليم حافظ في بداياته، حين همّ صاحب مسرح بإنهاء عقده لرفض الجمهور غنائه، وقفت تحية كجدار صد، مهددة بالرحيل إن استُغني عنه. لم تكتفِ بذلك، بل ساعدته بمائة جنيه ليشتري بدلة جديدة تليق بوقوفه على المسرح، مؤكدة أن الفن لا يقوم على المال وحده، بل على دعم الموهبة.

كما ساندت شادية في خلافها مع عماد حمدي، ودافعت عنها بحزم، وأضربت في أحد مسلسلاتها بدبي حتى يحصل الكومبارس على أجورهم. مواقف متكررة تثبت أنها لم ترَ نفسها يومًا فوق أحد، بل واحدة من الناس، تحمل همومهم وتدافع عن حقوقهم.

رحلتها مع الإنسانية لم تتوقف عند الوسط الفني، بل امتدت إلى الشارع المصري. كثيرون شاهدوها وهي تقيم الولائم في الأحياء القديمة، تطعم الناس بنفسها، وتوزع المال بلا حساب. ذات مرة نسيت قريبة لها معطفًا في بيتها، وعادت لتجده غير موجود، فأجابتها تحية ببساطة: «حد كان محتاج واديتهوله».

أكثر قصصها الإنسانية تأثيرًا كان تبنيها لطفلة مشردة في الشارع، سمّتها “عطية الله” بناء على نصيحة الشيخ الشعراوي، وظلت تعتني بها حتى آخر أيامها، قبل أن توصي رجاء الجداوي بأن تذهب الطفلة إلى فيفي عبده لتكمل رعايتها.

أما عن دورها الوطني، فقد عُرفت بمواقفها الجريئة. ساعدت الرئيس الراحل أنور السادات على الهروب من الاحتلال الإنجليزي قبل أن يصبح رئيسًا، معتبرة الأمر واجبًا وطنيًا. وبعد نكسة 1967 تطوّعت لتعلّم حمل السلاح، مؤكدة أن الدفاع عن الوطن ليس حكرًا على الرجال.

وفي لقاء إذاعي، قالت عبارتها التي تلخص حياتها كلها:
«ثروتي الحقيقة هي حب الناس.. الغِنى غِنى النفس، والكفن مالوش جيوب».

رحلت تحية كاريوكا عام 1999، لكن سيرة إنسانيتها بقيت حية، يتداولها من عايشها ومن سمع عنها. لم تكن مجرد أسطورة على خشبة المسرح، بل كانت “الأخت”، و”الأم”، و”الإنسانة” التي علّمت الجميع أن الشهرة لا تكتمل إلا بالحب والرحمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى