ابتكار مادة تسرّع نمو العظام المكسورة

طوّر فريق من الباحثين في جامعة ولاية بنسلفانيا، بالتعاون مع جراحي العظام، مادة حيوية قابلة للتحلل تساعد على تسريع نمو العظام المكسورة من خلال إطلاق مغذيات محفزة لتجديد الخلايا.
وأوضح الباحثون في النتائج التي نشرت الاثنين بدورية (Science Advances) أن المادة المبتكرة تسهم في تسريع التئام الكسور مقارنة بالطرق التقليدية، ما قد يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الإصابات المعقدة والصعبة.
وتُعد كسور العظام من أكثر الإصابات شيوعاً بين مختلف الفئات العمرية، وتحدث غالباً نتيجة السقوط أو الحوادث أو ممارسة الأنشطة الرياضية العنيفة. ويعتمد علاجها على نوع الكسر ومكانه، فقد يحتاج المصاب إلى التثبيت بالجبيرة أو التدخل الجراحي باستخدام الشرائح والمسامير، إضافةً إلى فترة من الراحة وإعادة التأهيل. كما أن سرعة الالتئام تتأثر بعوامل عدة مثل عمر المريض، وحالته الصحية، ونمط تغذيته، ومدى التزامه بالعلاج الطبيعي بعد التعافي الأولي.
وصُممت المادة الجديدة، التي أطلق عليها (CitraBoneQMg)، كسقالة حيوية قابلة للزراعة داخل الجسم لدعم تجديد العظام. وتتكون من مزيج من المغنيسيوم والغلوتامين وحمض الستريك، وهي عناصر طبيعية موجودة في الجسم والأطعمة.
والسقالة الحيوية عبارة عن دعامة طبية مؤقتة تعمل كهيكل ثلاثي الأبعاد يملأ منطقة الكسر ويوفر بيئة مناسبة لنمو الخلايا العظمية الجديدة. وتتميز بقدرتها على التحلل التدريجي داخل الجسم، لتحل محلها أنسجة عظمية طبيعية، مما يساعد على تسريع الالتئام وتحسين قوة العظام ووظيفتها دون الحاجة لإزالتها جراحياً.
ووفق الباحثين، فإن دمج المغنيسيوم والغلوتامين مع حمض الستريك يعزز التمثيل الغذائي داخل الخلايا، ما يمنح الخلايا الجذعية طاقة إضافية للتحول إلى خلايا عظمية جديدة. كما ساعدت هذه التركيبة على تنظيم مسارين حيويين لإنتاج الطاقة في الخلايا، عادةً ما يعملان بشكل متعاكس، لكن المادة جعلتهما يتفاعلان في تناغم لدعم نمو العظام بكفاءة أكبر.
ولاختبار فاعليتها، زرع الباحثون المادة في تجاويف بعظام الجمجمة لدى فئران تجارب، وقارنوها بسقالات مصنوعة من حمض الستريك فقط وأخرى من مواد عظمية تقليدية. وبعد 12 أسبوعاً، أظهرت النتائج أن المادة الجديدة زادت نمو العظام بنسبة 56 في المائة مقارنة بسقالات حمض الستريك، و185 في المائة مقارنة بالمواد العظمية التقليدية.
كما لاحظ الباحثون أن المادة لم تُسرّع نمو العظام فحسب، بل أظهرت أيضاً فوائد إضافية مثل تجديد الأعصاب وتقليل الالتهابات في موقع الإصابة، وهما عنصران مهمان لشفاء طويل الأمد.
وأوضح الفريق أن إطلاق المغذيات الحيوية مثل المغنيسيوم والغلوتامين مباشرةً لموقع الكسر عبر السقالة يضمن وصول تركيز مرتفع من العناصر الفعالة، بخلاف المكملات الغذائية التي يصل جزء ضئيل منها فقط لموقع الإصابة.
ووفق الباحثين، فإن هذا الابتكار قد يمهد الطريق لأساليب علاجية جديدة لكسور العظام المعقدة التي لا تكفي فيها الجبيرة أو التثبيت المعدني.