منوعات

نرمين مصطفى.. فنانة تحول العالم إلى متحف كبير من خلال مبادرة “ميوزيوبوليس”

من بين جدران المتاحف وقاعات العرض، خرجت فكرة مصرية مبتكرة لتعيد تعريف العلاقة بين الجمهور والفن. نرمين مصطفى، مصممة المعارض والفنانة متعددة التخصصات، أرادت أن تجعل من الفن تجربة حيّة تخرج من القاعات المغلقة إلى الشوارع والفضاءات العامة، لتصل إلى الناس أينما كانوا. ومن هنا وُلدت مبادرتها الرائدة “ميوزيوبوليس”، أول مشروع مصري للمعارض المتحفية المتنقلة، التي رفعت شعارًا بسيطًا لكنه عميق: “العالم متحف كبير”.

نرمين مصطفى، مصممة معارض ومؤسسة مبادرة “ميوزيوبوليس” (Museiopolis)، تعد من أبرز الأسماء الشابة التي أعادت رسم ملامح المشهد المتحفي في مصر. فهي تعمل كمصممة ديكور ومعارض بالمتحف القومي للحضارة المصرية، إلى جانب كونها مدرّسة بكلية الفنون التطبيقية، وزميلة بجامعة العلوم التطبيقية في برلين، وعضوًا فاعلًا في المجلس الدولي للمتاحف.

تتميز نرمين بكونها فنانة متعددة التخصصات؛ إذ تجمع في أعمالها بين السيراميك، والمجوهرات، والنجارة، والفنون الزخرفية، وصناعة الدمى والمنمنمات، والنحت بالأسلاك، والزهور الاصطناعية، فضلًا عن تصميم الألعاب ونسخ الآثار وإعادة التدوير. كما تعمل مدربة في مجال الحرف اليدوية التقليدية، بهدف الحفاظ على التراث وإحياء الفنون المصرية الأصيلة بروح عصرية.

تخرجت نرمين في كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان، ثم حصلت على دبلوم الدراسات العليا في تصميم المنشآت السياحية، تلاها ماجستير في تصميم العرض المتحفي، ودكتوراه في تصميم المتاحف المفتوحة وإعادة تأهيل المواقع الأثرية. لم تتوقف عند ذلك، بل حصلت على ماجستيرين إضافيين في الدراسات المتحفية والعلاقات الدبلوماسية، ودرست إدارة الأعمال والفنون التراثية، كما شاركت في معارض وورش عمل دولية، وألقت محاضرات عن تاريخ الفن وتصميم المتاحف في عدد من الجامعات المرموقة.

في عام 2021، أسست مركز الفنون المتحفية ليكون مساحة مفتوحة للجمهور لممارسة الفنون والتعرف إلى الثقافة المتحفية من خلال ورش عمل وأنشطة تفاعلية تربط بين الإبداع ومحتوى المتاحف.

وفي العام التالي، أطلقت المدرسة الصيفية للفنون — أول مدرسة متحفية من نوعها في العالم — لتدريب الفنانين المتحفيين المستقبليين على دمج الفنون داخل سياق المتاحف، وقد خرّجت حتى الآن نحو 70 فنانًا، ونجحت في تنظيم ثمانية معارض فنية على مدار أربع دفعات متتالية.

وجاءت مبادرة “ميوزيوبوليس” لتكون التتويج الحقيقي لمسيرة نرمين، حيث أسست أول مشروع مصري للمعارض المتحفية المتنقلة، يقوم على دمج الفن والتعليم والترفيه في تجربة واحدة، تجوب المدن والقرى لتقريب الثقافة من الناس. فالمعارض التي تصممها فرق ميوزيوبوليس ليست مجرد عروض بصرية، بل تجارب تفاعلية تدعو الزوار إلى لمس الفن والعيش داخله.

ومؤخرًا، أطلقت نرمين علامتها التجارية الجديدة “آرتيفاكت” (Artifact)، تحت مظلة ميوزيوبوليس، لإنتاج هدايا تذكارية فنية مستوحاة من موضوعات المعارض والفعاليات، تحمل لمسة مصرية معاصرة تمزج بين الجمال والتراث.

ورغم التحديات الكثيرة التي واجهتها — من نقص الدعم الفني والمادي، وصعوبة تكوين فريق مؤمن بالفكرة ومدرب على تنفيذها — لم تعتبر نرمين ذلك عائقًا، بل حافزًا للتحدي والإصرار. آمنت بفكرتها وسعت لتحقيقها بخطوات ثابتة، لتصبح اليوم رمزًا للإبداع الذي يربط الماضي بالمستقبل، والفن بالحياة اليومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى